عمان – كانت القضية الفلسطينية ولا تزال، في صلب اهتمامات صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس الذي يسلك نهجا دبلوماسيا يتسم بالهدوء والرصانة والفعالية وبعيد عن الأضواء ، من أجل دعم ونصرة القضية الفلسطينية والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني وتمكينه من عيش حياة مستقلة كريمة.
فالمغرب بقيادة صاحب الجلالة، ما فتئى يجدد تضامنه الكامل مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، المبنية على الشرعية الدولية والمستندة إلى حل الدولتين المتوافق عليه من طرف المجتمع الدولي ، والمفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية قابلة للحياة وتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في جو من الأمن والطمأنينة والسلام.
هذا التضامن والدعم المستمر والجاد للمملكة المغربية ، للقضية الفلسطينية لا تحكمه أية أجندة سياسية ، إضافة إلى ثبات موقف جلالة الملك الذي يبقى محط تقدير وإشادة دوليين ، حيث تظل المملكة على قناعة بمركزية القضية الفلسطينية لكونها قضية جوهرية ، كما تظل في سلم أولويات المنتظم الدولي.
ومن هذا المنطلق ، يحرص صاحب الجلالة، الذي يضع القضية الفلسطينية في مرتبة القضية الوطنية الأولى ، قضية الصحراء المغربية ، على بذل جهود حثيثة على المستوى السياسي والدبلوماسي والميداني من أجل دعم ومساندة الشعب الفلسطيني ، وكذا من أجل الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف.
ومن أقوى المبادرات الدبلوماسية التي تجسد بحق المكانة التي تحظى بها القضية الفلسطينية في سلم أولويات المملكة ، الوساطة المباشرة للمملكة تحت قيادة جلالة الملك والتي أفضت إلى قرار السلطات الإسرائيلية بفتح معبر ” اللنبي” الحدودي بين الضفة الغربية والأردن بشكل دائم .
فمن شأن هذه المبادرة ذات الأبعاد الإنسانية المهمة والنبيلة ، والتي تعكس مدى ما تشكله القضية الفلسطينية من مصدر انشغال دائم لجلالة الملك ، وحرص جلالته على تحسين ظروف عيش الفلسطينيين ، أن تساهم في التخفيف من معاناة الفلسطينيين عند التنقل إلى الأردن ومنها إلى بقية دول العالم وتحفظ بالتالي كرامتهم وحقهم وحريتهم.
وتلقى الفلسطينيون هذه المبادرة بارتياح كبير وعبروا عن امتنانهم للمغرب ولجلالة الملك ، لما تقدمه المملكة من مشاريع خيرية وإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني ، معتبرين أن فتح هذا المعبر خطوة في الاتجاه الصحيح من شأنها أن تخفف بشكل كبير على المواطنين الفلسطينيين ، بالنظر لما كانوا يكابدونه من عناء نتيجة إغلاق المعبر ، الوحيد الذي يربط الضفة الغربية بالعالم الخارجي.
دعم المغرب المتواصل بقيادة صاحب الجلالة لنصرة القدس والقضية الفلسطينية لا يقتصر على المستوى الدبلوماسي فقط وإنما يتعداه إلى العمل الميداني عبر وكالة بيت مال القدس الذراع التنفيذي للجنة القدس ، تحت الإشراف الشخصي والفعلي لجلالة الملك ، والتي يتحمل فيها المغرب حوالي 86 في المائة من ميزانيتها السنوية.
فقد ظل الهاجس الإنساني حاضرا بقوة في انشغال المغرب بالقضية الفلسطينية ، وهو ما تؤكده جهود وكالة بيت مال القدس الشريف في حماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة المقدسة من خلال دعم وتمويل برامج ومشاريع لا سيما في المجالات الاجتماعية ، مثل الصحة والتعليم والسكن ، والتي ساهمت بشكل ملموس في تحسين حياة الفلسطينيين ، والحفاظ على التراث الديني والحضاري للمدينة المقدسة .
وتشمل هذه المشاريع من بين أمور أخرى ، كفالة الأيتام المقدسيين وتقديم الدعم المادي المنتظم لهم من أجل دعم صمود المقدسيين وتنشئة أبنائهم التنشئة الصالحة ورعاية الأيتام منهم لحمايتهم من الضياع والانحراف ، وتحسين ظروف معيشتهم المادية والاجتماعية والمعنوية ، وتوزيع مساعدات عبارة عن حصص غذائية وخاصة في شهر رمضان ، وترميم وصيانة المدارس المتضررة وتجهيزها وتزويدها بمجموعة من المعدات لمساعدة الأطفال الفلسطينيين على إكمال دراستهم في ظروف جيدة تحفظ كرامتهم ، إلى جانب الاهتمام بالأشخاص في وضعية إعاقة من خلال تقديم دعم مهم من التجهيزات وتحديد تاريخ 12 أبريل من كل سنة ملتقى سنوي لأشخاص في وضعية إعاقة.
كما يشغل الجانب الثقافي حيزا مهما في أنشطة الوكالة ، ويتجلى ذلك بالأساس في تخصيص منحة تهدف إلى تشجيع الحوار الديني والثقافي بين الشعوب والأديان في مدينة القدس ، وتكرس جهود الوكالة في التوعية بأهمية التعددية والالتزام بحقوق الانسان ، إضافة إلى تطوير الوعي عند الشباب والالتزام بخدمة المجتمع وتحقيق السلام .
الجانب الترفيهي بدوره حاضر في أنشطة الوكالة من خلال المخيمات الصيفية التي تقيمها لفائدة أطفال القدس سواء في القدس أو في المغرب ، وقد وقعت هذه السنة اتفاقيات لدعم برنامج التخييم في القدس لفائدة 13 جمعية مقدسية وما مجموعه 3000 طفل ومستفيد تراوح أعمارهم ما بين 6 و 16 سنة ، وتهدف الوكالة من خلال هذه المبادرة إلى توفير بيئة صحية وفضاءات ملائمة للطفل المقدسي ، بما يصقل شخصيته وينمي خبرته ، وتطمح الوكالة مستقبلا إلى توسيع نطاق الدعم ليشمل عشرات المخيمات.
وتواصل المملكة المغربية العمل على استثمار دورها التاريخي والوازن في القضية الفلسطينية والعلاقات المتميزة التي تجمعها بكل الأطراف والقوى الدولية الفاعلة ، من أجل توفير الظروف الملائمة، لإعادة إحياء المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.