فاس – أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، اليوم السبت بفاس، أن كلام علماء الأمة حول الثوابت الدينية يدخل في باب إكساب المناعة لجسم الأمة والتمكين للأمن الذي يشكل شرطا أساسيا لقيام الدين.
وقال السيد التوفيق، الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة العلمية الدولية حول “قول العلماء في الثوابت الدينية المغربية”، التي ينظمها موقع الثوابت الدينية المغربية بتعاون مع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، إن “كلام علماء الأمة حول الثوابت الدينية وبيانها لعامة الناس والدفاع عنها في وجه الجهل والانتحال والتطرف يدخل في باب إكساب المناعة لجسم الأمة ودرء الفتنة عنها، والتمكين للأمن الذي يشكل شرطا أساسيا لقيام الدين وتيسير التدين”.
وأبرز الوزير أن علماء الأمة هم حماة ثوابت الدين، التي تعتبر “نظاما دينيا متكاملا اختاره الأجداد بحرية في إطار الاختلاف الذي شجعه العلماء وقوموه وقاموا بحقه”، مشيرا إلى أنه يحق لهؤلاء العلماء أن ينتفضوا على الدوام لحماية الثوابت الدينية من زاوية الفهم الفقهي الصحيح للنصوص، وزاوية إقناع للأجيال الجديدة المعرضة للنهب الفكري من طرف “الجهلة والغالين والمنتحلين”.
وأضاف بالقول إنه “من المؤسف أن هذا الاشتغال يأخذ من جهد العلماء ووقتهم وهمهم، ما أحرى به أن يوجه إلى جلب المصلحة، حيث نظل ندفع المفسدة ولا نستطيع أن نقوم بالمصلحة، والمصلحة تدفع المفسدة أكثر من أي بيان”.
وعلاقة بالثوابت الدينية، التي تتجسد – حسب الوزير – في الإمامة العظمى والعقيدة والمذهب والتصوف، أوضح أن إمارة المؤمنين “نظام مبني على تعاقد اجتماعي تكون فيه المشروعية مقابل الالتزام بالمصالح، مشددا على أنه “ليست لأي تيار مهما كان متطرفا القدرة على اقتراح نظام سياسي أكمل من إمارة المؤمنين كما يعيشها المغاربة في ماضيهم وحاضرهم، وذلك في جمعها بين إمامة الدين وتدبير الدنيا بمقتضيات هذا العصر”.
أما بخصوص العقيدة، فأبرز السيد التوفيق أنه لا يمكن لأي تيار أن يتصور الدين مبنيا على الإكراه، مما ينفي ترتيب استعمال العنف بناء على هذا الفهم، مضيفا – في سياق الحديث عن ثابت المذهب – أنه لا يمكن لأي تيار أن يلمز عمل علماء مذاهب أهل السنة في اجتهاداتهم، سيما وأن الخلاف يعم الجزئيات التي يتوجب حماية عامة الناس بشأنها، درءا للفتنة.
وبعدما عرج على نماذج من البحث الفكري الغربي عن سبل الإصلاحات السلوكية، أكد أن سبل هذا الإصلاح “واضحة في ما عندنا من الوحي والسنة وسير الأتقياء وحكمتهم”.
علاوة على ذلك، تناول المتحدث التحديات التي تواجه العلماء العاملين على حماية الثوابت الدينية في السياق الحالي، ويتمثل أبرزها في تعريف الثوابت وفهمها من جهة المصالح، لاسيما الأمن من أنواع الخوف، وتعدد المتكلمين في الدين، وضعف فكر المسلمين في ما ينبغي أن يكون عليه النظر من العلاقة بين السياسة والدين، وضعف ثقافة استيعاب التاريخ وعبء ذلك الضعف على كاهل فئات واسعة من المسلمين.
وعلى صعيد العلاقة بإفريقيا، قال إن “ما يهم علماء المملكة المغربية هو نفسه ما يهم إخوانهم في البلدان الإفريقية”، مؤكدا على ضرورة حماية تدين عامة الناس داخل ثوابتهم واحترام التعدد داخل البلد الواحد.
وخلص، من جانب آخر، إلى أن الحرص على بناء الحياة الطيبة أوكد في البلدان متعدة الديانات والثقافات، حيث تزيد مسؤولية المسلمين في إظهار قوة دينهم على تدبير الحلول لمشاكل حياة الانسان، وفي الوقت نفسه يكون الإصلاح أبلغ تكذيب لجميع دعاوى الإرهاب باسم الإسلام.
وتروم الندوة العلمية الدولية حول “قول العلماء في الثوابت الدينية المغربية”، المنظمة على مدى يومين، على الخصوص، تحرير القول في التأصيل الشرعي للثوابت الدينية المغربية من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة، وإبراز جهود أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في الحفاظ على الدين، ورعاية الثوابت الدينية للمسلمين، إلى جانب بيان علاقة الثوابت الدينية بالخصوصية المغربية وحضورها في القارة الإفريقية.
وتتميز الندوة بمداخلات علمية وأكاديمية تتناول أربعة محاور أساسية تشمل “إمارة المؤمنين”، و”العقيدة الأشعرية”، و”المذهب المالكي”، و”التصوف السني”، تتوزع على ست جلسات.